Monday, October 15, 2007

بعض من فضائل العرب

بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله الذي يقول في كتابه العزيز: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكراً وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) وصلى الله على سيدنا محمد القائل لأصحابه: "تعلموا من الأنساب ما تعرفون به أصولكم وتصلون به أرحامكم، ولا تكونوا كنبط السواد، يسأل أحدهم فيقال له: ممن آنت ? فيقول من قرية كذا" وسلم عليه ما تليت أحاديثه الغراء، وسيره الزهراء ، وعرفت بين العالمين أوامره ونواهيه فجاءت تترى، وعلى آله الحافظين لسياق أنسابهم، والآخذين بسلاسل سلالاتهم وآدابهم، وعلى اتباعه المدونين لآثارهم إلى يوم الدين.أما بعد: فهذه رسالة جمعت فيها من أنساب أهل عمان ما أمكنني جمعه، وسردت فيها من ذلك ما أمكنني سرده، إسعافاً لرغبة الطالب، وان كان غير مرتب على وتيرة التصنيف، ولا مؤلف على طريقة التأليف، ولكنه مجموع تمكن مراجعته عند الحاجة إليه ، وقد جعلته القسم الثالث من العنوان ، وخصصته باسم: "إسعاف الأعيان في أنساب أهل عمان" وأسال الله التوفيق لكل خير، والعون على كل مأمول، ونقدمه بمقدمة في فضل العربقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا سألتم الحوائج فاسألوا العرب" رواه ابن مسعود رضي الله عنه، وفيه لأنها تعظم لثلاث خصال: كرم أحسابها، واستحياء بعضها من بعض. والمواساة لله، أي لأنها خصت بهذا دون باقي الأمم. وهو عين الواقع في العصر العربي إن لم يخالطه دخيل أجنبي. وعنه صلى الله عليه وسلم : "من ابغض العرب ابغضه الله" أي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون داخلا في بغض العرب.وبغصه صلى الله عليه وسلم كفر عظيم، وعلى كل حال فإن الله يبغضه لذلك وعنه عليه الصلاة والسلام: "من احب العرب فبحبي احبهم الحديز..، وقال صلى الله عليه وسلم: "حب العرب آية الإيمان" الحديث..، أو كما قال عليه الصلاة والسلام: "وحسبهم بذلك فخراً بين أعلام الأمم" قال ابن الكلبي: "في العرب خاصة عشر خصال لم تكن لغيرهم من الأمم، خمس منها في الرأس، وخمس في باقي الجسد الحديث. قلت هي المسماة سنن الفطرة عند الفقهاء، وهي خصال جاءت النبوة بها، ونوه الشارع عليه الصلاة والسلام بفضلها، قال: وفي العرب القيافة، ولم تكن في أحد غيرهم وهي من عجائب المخلوقات، حيث يفرق القائف بين المرأة والرجل، والأبيض والأسود، والبكر والثيب، بمجرد وضع أقدامهم على الأرض، في أمور عدة. ومنها معرفة الطويل والقصير, والمهزول والسمين، ونحو ذلك فتراه يلحق الابن القصير بالأب الطويل، وكذا العكس. ويعرف الغريب من الوطني، ليس ذلك إلا للعرب دون باقي الأمم مهما بلغت عقولهم، فأن ذلك اعظم من توليد المواد الكيماوية، وتركيب المعادن الأرضية، ولله في خلقه أسرار. ولابن المقفع قال لبعض أعيان العرب: "أي الأمم اعقل?" فنظر بعضهم إلى بعض ثم قالوا: لعله أراد اصله وهو فارسي، فجروا بحسب ما تخيل لأحدهم، فقالوا: "فارس"، يقال ليسوا بذلك، فأنهم ملكوا كثيرا من الأرض، ووجدوا عظيماً من الملك، وغلبوا على كثيراً من الخلق، ولبث فيهم عقد الأمر، فما استنبطوا شيئاً بعقولهم، ولا ابتدعوا شيئاً كباقي أنكم في نفوسهم، قالوا: "الروم"، قال: أصحاب صنعة، قالوا: "الصين"، قال: أصحاب طرفة، قالوا: "الهند"، قال: أصحاب فلسفة، قالوا: " السودان"، قال: شر خلق الله، قالوا: "الترك" قال: كلاب مختلسة، قالوا: "الخزر"، قال: بقر سائمة، فقالوا له: يقل، فقال: "العرب". ثم قال: أما إنني ما أردت موافقتكم ولكن إذا فاتني حظي من النسبة فلا يفوتني من المعرفة. أي إذا كنت أنا غير عربي فقد فاتني شرفي بالانتساب إليهم، فلا ينبغي علي أن يفوتني العلم بأحوال الناس. ثم قال: إن العرب حكمت على غير مثل لها، ولا آثار أثرت، بل هم أصحاب إبل وغنم، وسكان شعر وأدم، يجود أحدهم بقوته ولا يبالي، ويتفضل بمجهوده ، ويشارك في ميسوره ومعسوره، ويصف الشيء بعقله فيكون قدوة، وبفعله فيصير حجة، ويحسن ما شاء فيحسن، ويقبح ما شاء فيقبح، أدبتهم أنفسهم، ورفعتهم هممهم، وأعلتهم قلوبهم وألسنتهم، فلم يزل حباء الله فيهم وحباؤهم في أنفسهم، حتى رفع لهم الفخر، وبلغ بهم اشرف الذكر، وختم لهم بملكهم الدنيا على الدهر، وافتتح دينه وخلافته بهم إلى الحشر، على الخير فيهم ولهم فقال: ( إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين).فمن وضع حقهم خسر، ومن أنكر فضلهم خصم. ودفع الحق باللسان اكبت للجنان. انتهى كلام ابن المقفع، وناهيك بالمذكور أدباً وفصاحة.وله بلاغة وردها من حياض العرب، فشربها بين أقرانه بأكف الأدب. وجاءت فيهم آثار نبوية، وفي القرآن من صفات العرب ما لا يكون لغيرهم، فقد وصفهم بالكرم العظيم، والصبر الكامل، وذكر عنهم من الخصال ما لم يذكر مثله ، أو قريب منه لباقي الأمم... وحسبك انه اختارهم محطا لرحال دينه وحماة لشريعته، وأنصاراً لأوامره، وحفظه لبنيه وجواراً وأهلاً لبيته، في عدة خصال، سوف نذكر منها إن شاء الله في تاريخ عمان ما يلائم الغرض.وهل توجد أمة من الأمم تعرف أصولها وفروعها، شعباً وقبيلة وعمارة وبطناً وفخذا وفصيلة إلى غير ذلك من بيوتاتها المعروفة، وأحوالها المألوفة، ومكارمها العالية، وفضائلها السامية? فهم نجوم الأرض، ورغيثها الذي تحيا به أجادبها. منها الخلفاء الراشدون، ومنها الأئمة المهتدون، وفيها العلماء العاملون، وان كان يوجد في غيرهم فلهم الحظ الأوفر، ولهم النصيب الأكبر. فيهم الشجاعة التي لا يقاس جاهلية وإسلاما، ولملوكهم المفاخر التي لا تسامى. وعن ذي الرمة في العرب كلام جامع وذكر واسع، وقد ساًل زياد دغفلاً النسابة عن فضائل العرب فقال: الجاهلية لليمن، والإسلام لمضر، والفتنة لربيعه، قال: فأخبرني عن مضر، أي إن خصالها الخاصة بها، فقال: فاخر بكنانة، وكابر بتميم، وحارب بقيس ففيها الفرسان والنجوم، وأما أسد ففيها ذل وكيد. "قال" وسأل معاوية بن آبي سفيان دغفلاً فقال: ما تقول في بني أسد? فقال: عاقة قافة فصحاء كافة، قال: فما تقول في بني تميم? فقال: حجر خشن، إن صادفته آذاك، وان تركته أعفاك، قال: فما تقول في خزاعة? فقال: جوع وأحاديث، قال: فما تقول في اليمن? قال: فيهم مفاخر واسعة. ولليمن ربع البيت"اي الركن اليماني" ومنهم حاتم طي كريم العرب، ومنهم المهلب بن أبي صفرة القائد الكبير ولا اعدل بالأنصار أحداً في هذه الخصال الحميدة كلها، فقد جمعوا الكرم والشجاعة والصبر وأشياء لا يسعها المقام، قال دغفل: وفي النزار النبي المرسل، والخليفة المؤمل، والكتاب المنزل، وفي الأوس غسيل الملائكة حنظلة بن الراهب، وعاصم بن الاقلح الذي حمت لحمه الدب، وذو الشهادتين خزيمة بن ثابت، والذي اهتز لموته العرش سعد بن معاذ، وفي الخزرج.الأربعة الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت، وابو زيد، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب سيد القراء، والذي أيده الله بروح القدس حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناضل عنه.وفي العرب البيوتات المشهورة كبيت بني معاوية الأكرمين في كندة، وبيت بني جشم بن بكر في تغلب، وبيت بن ذي الجدين في بكر، وبيت زرارة بن عدس في تميم، وبيت بني بدر في قيس، وفيهم الأحرز بن مجاهد التغلبي الذي كان أعلم القوم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن العرب: "كنانة جمجمتها، وفيها العينان، وأسد لسانها، وتميم كاهلها".وقالوا: بيت تميم بنو عبد الله بن دارم، ومركزه بنو زراره، وبيت قيس ارة، ومركزه بنو بدر، وبيت بكر بن وائل شيبان ومركزه بنو ذي الجدين.وقال معاوية بن أبي سفيان للكلبي: اخبرني عن أعز العرب، فقال: حصن بن حذيفة بن بدر، قال: فأخبرني عن اترف بيت في العرب، قال: والله أني لأعرفه وأني لأبغضه، قال ومن هو? قال: بيت زرارة بن عدس، قال: فأخبرني عن افصح العرب، فقال: بنوا أسد. وقيل أن أشرف بيت في مضر بر مدافع في الجاهلية، بيت بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم.وحضر عند المنذر بن ماء السماء وفود العرب ووجهها دعا ببردي محرق فقال: ليلبس هذين البردين أكرم العرب وأشرفهم حسباً، واعزلهم قبيلة، فأحجم الناس، وقام الأحيمر بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد بن مناة بن تميم فقال أنا لهما، فائتزر بأحدهما، وارتدى بالأخر فقال له المنذر: وما حجتك فيما ادعيت? قال: الشرف من نزار كلها في مضر، ثم في تميم، ثم في سعد، ثم في كعب، ثم قي بهدلة. قال: هذا أنت في أصلك، فكيف أنت في عشيرتك? قال: أنا أبو عشرة، وعم عشرة، وأخو عشرة، وخال عشرة. قال: هذا في عشيرتك، فكيف أنت في نفسك?فقال: شاهد العين شاهدي، ثم قام فوضع قدمه في الأرض، فقال: من أزالها فله من الإبل مائة فلم يقم إليه أحد، ولا تعاطى ذلك. ومن بيت بهدله بن عوف، كان الزربقان بن بدر وكان يسمى سعد الكرمين. قال" وفيهم كانت الأفاضة قي عطارد بن عوف ابن كعب بن سعد، ثم قي آل حرب بن صفوان بن عطارد، وكان إذا اجتمع الناس أيام منى في الحج، لم يبرح أحد حتى يجوز آل صفوان، ومن ورث ذلك عنهم، ثم تمر الناس ارسال.وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أني لأجد نفس ربكم من اليمن" وفي رواية"أني لأجد نفس الرحمن" الحديث، وعنه صلى الله عليه وسلم: "الأيمان يمان والحكمة يمانية"، وقال عليه الصلاة والسلام: "الأنصار شعار والناس دثار"، وقال عبد الله بن العباس رضي الله عنهما لبعض اليمن: لكم من السماء نجمها ومن الكعبة ركنها ومن الشرف صميمها، وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبعض جلسائه: من أجود العرب? قالوا حاتم طي، قال: فمن فارسها? قالوا عمرو بن معد يكرب، قال: فمن شاعرها? قالوا أمرؤ القيس بن حجر، قال: فأي سيوفها أقطع? قالوا: الصمصامة، قال: كفى بهذا فخراً لليمن.وقال أبو عبيدة: ملوك العرب حمير، ومقاولها غسان ولخمة، وعددها وفرسانها الأزد، ولسانها مذحج، وريحانتها كندة، وقريشها الأنصار، "وأقول": نعم الأنصار ونعم القوم هم، كنانة الإسلام، وسيوف الإيمان، وسور الشريعة، وأعمدة الإخلاص، أوفى العرب ذمة، وأكبر الناس همة، واعز، الناس أمة، وأكرم العرب أنفساً، واصدق العرب وعداً. "قال أبن الكلبي": حمير ملوك وارداف الملوك، ولأزد أسد، ومذحج الطعان، وهمدان أحلاس الخيل، وغسان أرباب الملوك، "قلت": وبصفة علمية فالعرب حماة الجار، ورعاة الذمار، وأسدالقفار، لهم الخصال الحميدة، والمكارم العديدة، ولا أريد أن أشرح هنا مكارمهم، فانها شىء لايسعه كتابنا هذا، ولكنا ذكرنا هذه الكلمات كالتعريف بهم.

====