Saturday, July 26, 2008

إمبراطورية العقل الأميركي

إمبراطورية العقل الأميركي


إسم الكتاب: إمبراطورية العقل الأميركي
المؤلف: سعد سلوم

ينطلق كتاب امبراطورية العقل الاميركي لمؤلفه سعد سلوم من الادراك بكون العالم يقف اليوم أمام مفترق طرق، فإما أن يحصل تفاهم دولي يحفظ الثقافات الوطنية من الذوبان ويسهل التعايش في عالم من التنافس القاسي أو الفوضى.وقد حاولت فصول الكتاب مواجهة التحدي من خلال رسم نوع من خريطة الطريق بين الفوضى الشاملة
التي تعم عالمنا اليوم (عالم هوبز) ونقطة الاستقرار والتوازن في ظل عالم السلام الدائم (عالم كانط).يبرز الكتاب المشروع الكانطي على صعيد العلاقات الدولية من خلال التفكير بمستقبل السلام ووضع حد لحروب المستقبل .
يقدم الفصل الاول (نقد العقل السياسي الاميركي) تصورا مغايرا عن اللحظة الامبراطورية الاميركية حيث ينطلق من التساؤل حول وصول الولايات المتحدة إلى نقطة اللاعودة، وإن كان نجاحها ذاته سيحكم عليها بالدمار. لكن الاشكالية تطرح بكيفية تساعد على استشفاف الآليات الدفاعية للحضارة الاميركية وإمبراطوريتها، التي قد تقدم لها الوقاية من مصير الاضمحلال المحتوم. وفي الفصل الثاني تتضح بصورة كاملة منهجية الكتاب التي تنتصر للمشروع الكانطي الماثل في كتابه (نحو سلام دائم) ازاء المشروع الهوبزي الذي تمثله سياسة الولايات المتحدة حيث يتم التمييز بين ثلاثة مستويات للعقل السياسي الاميركي تجاه حظر استخدام القوة في ميثاق الامم المتحدة هي :مستوى التفسير (التبريري)، مستوى التطبيق (الانتهاكي)، مستوى التسويغ(التبريري) ويدعو الكتاب الى وضع استراتيجية جديدة لنظام دولي جديد يتسم بالمشاركة الفعلية لجميع الدول في اتخاذ قرارات ذات الصلة بأمن وسلم البشرية، طبقا لرؤية ميثاق الأمم المتحدة وبما يتلاءم مع التحولات الدولية الراهنة وهو ما يعد استعادة للحظة الكانطية في العصر الراهن مقابل سيادة اللحظة الامبراطورية الاميركية الهوبزية، هذه الاستراتيجية الجديدة الكفيلة بإعادة التوازن داخل النظام الدولي (من منظور المشروع الكانطي) تمر من خلال إطار مناسب لإصلاح المنظمة الدولية وهو ما تناولته الفصول اللاحقة لاسيما الفصل الرابع والخامس و السادس .وقد جاء الفصل الثالث (حلم نزع السلاح واسطورة تكوين جيش دولي عالمي) ليتناول بالدراسة الاساس الذي قامت عليه الامم المتحدة كتجسيد للمشروع الكانطي في السلام الدائم وكيف كان موقف الدول الكبرى (لاسيما الولايات المتحدة) وذلك عبر طرح الفكرة الجوهرية للتنظيم الدولي متمظهرة في نزع السلاح من جهة وتكوين جيش دولي عالمي من جهة اخرى وهي الفكرة التي تنتصب وسط الطريق بين الفوضى الشاملة وتكوين حكومة عالمية تحقق وحدة الجنس البشري. في الفصل الرابع (خارطة طريق لاصلاح الامم المتحدة) ينطلق المؤلف من فكرة تفعيل مواد الميثاق المجمدة وبث الحياة فيها بدلا من الحديث عن اصلاح معقد يحتاج الى تمويل لن تتكفل به الدول الكبرى اطلاقا او التركيز على الموضوعات التي تقترن بمصالحها الآنية فحسب لذا يدعو الى:( احياء المشروع الكانطي) عبر عمل مجلس الامن وفقا لمقاصد ومبادئ الميثاق التي تشكل حدودا لسلطاته لا وفقا لمقاصد وغايات خاصة و(مناهضة المشروع الهوبزي) عبر مناهضة سياسة الهيمنة المضادة تماما لروح نظام الامن الجماعي التي يعبر عنها باللجوء إلى القوة أو التهديد باستعمالها والسيطرة والتدخل الاجنبي. و(تحكيم مرجعية العقل) عبر بلورة نظام للامن الجماعي لا يكون هدفه مجرد تسوية النزاعات السياسية بين الدول اوقمع العدوان وانما المعالجة الشاملة لجذور الازمات الدولية وهي جذور اقتصادية - اجتماعية - ثقافية، في الاساس.وفي الفصل الخامس(برلمان العالم واصلاح الامم المتحدة) يرسم الكتاب خارطة طريق لاصلاح الجمعية العامة للامم المتحدة عبر تحقيق توازن في الاصلاح بين مجلس الامن والجمعية العامة من خلال الاجماع على رفض واقع اللحظة الهوبزية باجتماع الارادة الدولية على تخليص المجتمع الدولي من هيمنة القطب الواحد واعادة التوازن السياسي داخل التنظيم الدولي بتعزيز سلطات الجمعية العامة للامم المتحدة في حفظ الامن والسلم الدوليين.
وفي الفصل السادس (داخل البرج العاجي للامم المتحدة في نيويورك) يتحدث الكتاب عن الصراع بين عاصمة الحكومة العالمية (في نيويورك) حيث مقر الامم المتحدة وعاصمة الدولة العالمية(في واشنطن) حيث البيت الابيض وهو الصراع ذاته بين كانط وهوبز لكن بلغة المدن هذه المرة.والامين العام للامم المتحدة هو الرجل الذي يمثل الفكرة العالمية، يتحرك داخل وسط يتكون من الدول يواجه بتحديات جسيمة منها مواجهة المشروع الهوبزي الاميركي والانتصار للمشروع الكانطي حيث القى الانفراد الاميركي بالهيمنة على النظام الدولي على الامين العام مسؤولية جسيمة في الحفاظ على استقلاليته الوظيفية السياسية والفكرية فلا يكون تابعا لدولة أو لاخرى ولا حتى (موظفا) لدى الخمسة الكبار في مجلس الامن وانما ليكون معبرا عن الضمير العالمي وقوة لتدعيم سلم الجماعة الدولية.ويؤكد الكتاب على ان وجود امين عام يتصف بكاريزما قوية معبرة عن ارادة وشعور شعوب عالم الجنوب يشكل صمام امان للتقليل من الاضرار الناجمة عن السلوك الامبراطوري الاميركي إلى ادنى حد ممكن في ظل توازنات القوى الحالية أو العمل على اعادة التوازن والتناغم المطلوب في العلاقات الدولية.يمثل رفض اعتبار واقع اللحظة الإمبراطورية الاميركية مرجعية مؤبدة لمستقبل العالم والدعوة لتفعيل مرجعية العقل والعودة إلى التضامن الدولي الجماعي من خلال الأمم المتحدة جوهر دعوة الكتاب للوحدة الإنسانية التي كانت تمثل حلم جميع الفلاسفة الإنسانيين.
و كل ذلك بحسب المصدر المذكورنصاً ودون تعليق.
المصدر: http://www.alsabaah.com