Saturday, July 26, 2008

كيف يحيون عاداتهم الحسنة ؟...مبادرة كبرى لإحياء "قرن الكتاب" في الولايات المتحدة


كيف يحيون عاداتهم الحسنة ؟...مبادرة كبرى لإحياء "قرن الكتاب" في الولايات المتحدة

لانزعاجها من التدهور الهائل في عادة القراءة من أجل المتعة بين الأميركيين، قررت مؤسسة أميركية تُدعى"مؤسسة الوقف الوطني للآداب" توسيع نطاق مبادرتها المسماة بـ"مبادرة القراءة الكبرى" والمخصصة لاستعادة القراءة لوضعها "المركزي" السابق في حياة الأميركيين. ويُشار إلى أن تلك المبادرة بدأت عام 2006 في شكل مشروع تجريبي شبيه بمشروعات مثل"مدينة تَقْرأ" المنتشرة في كافة أنحاء الولايات المتحدة، والتي بدأت انطلاقتها منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي.
والمبادرة الجديدة لن تكلف الكثير من الأموال بالنسبة للحكومات المحلية التي ستضطلع بها حيث يُشار في هذا الصدد إلى أن "مؤسسة الوقف الوطني للآداب" تخطط لتوزيع 1.6 مليون دولار في صورة منح خلال النصف الأول من عام 2008، وأنها تفترض أن تكون التكلفة الإجمالية لمبادرة القراءة الكبرى قد وصلت بنهاية عام 2008 إلى 8 ملايين دولار فقط. من المؤكد أننا جميعاً نتفق على أن هذا المبلغ ضئيل، ولا يكفي لإعادة القراءة إلى مكانتها السابقة، كنقطة ارتكاز، أو كمحور للثقافة الأميركية، أو حتى لتحقيق أي شيء ملموس في هذا الخصوص على أرض الواقع.
و"مؤسسة الوقف الوطني للآداب" تعلم- من خلال المسح الذي أجرته عام 2004 تحت مسمى "القراءة في خطر: مسح للقراءة الأدبية في أميركا"، ومن خلال المسح التالي الذي أجرته عام 2007 تحت مسمى
"أن تقرأ أو لا تقرأ: سؤال يتعلق بحصيلة وطنية"- أن هناك تدهوراً في عادة القراءة الأدبية في أميركا، وأن هذا التدهور قد بدأ منذ ما يزيد عن 20 عاماً وشمل كافة شرائح السكان في أميركا. وتضع المؤسسة تعريفاً جامعاً للقراءة الأدبية فتقول إنها:"تمثل أي رواية، أو قصة قصيرة، أو قصيدة شعر أو مسرحية، أو أي شيء ذا طبيعة شعرية أو روائية". ويضيف تعريف المؤسسة:"وفي القراءة الأدبية يتساوى أي عمل في القيمة سواء كان رواية مبسطة، أو عملا من الأعمال الكبرى، كما أن تلك القراءة، يمكن أن تضم أعمالاً لكتاب مختلفين قد يتفاوتون في القيمة". والنتيجة التي يمكن استخلاصها من خلال ذلك التعريف، هي إن ما يقل عن نصف عدد سكان أميركا، هم الذين يقرؤون قصصاً أو أشعاراً للمتعة عام 2002.
وهناك مسح منفصل في هذا الشأن أجرته وكالة "الأسوشيتدبرس" عام 2007 تحت عنوان" Ipsos" انتهى إلى خلاصة مؤداها أن عدد الأميركيين الذين يقرؤون من أجل المتعة يفوق ذلك الرقم- نصف عدد السكان- مع ملاحظة أن هذا المسح يأخذ في حسبانه الكتب غير الروائية والإنجيل فقط. وقد جاء في تقرير "القراءة في خطر" الصادر عن مؤسسة الوقف الوطني أن القراءة قد شهدت أقصى ازدهار لها خلال الفترة ما بين 1982- 2002 وخصوصا في فرع الكتب الأدبية غير الروائية، وذلك عندما بدأ الكتاب من فئة الشباب ممن يبلغون العشرين فما فوق في الاتجاه إلى تأليف الكتب التي يتوقعون أن تلقى رواجاً كبيراً بدلاً من الاقتصار على كتابة الأشعار أو القصص المؤثرة. العدد الوارد في ذلك المسح مماثل تقريباً لذلك الوارد في تقرير مؤسسة الوقف الوطني أي 132 مليون أميركي(مما يعني انخفاض نسبة الأميركيين الذين يقرؤون إذا ما أخذنا في اعتبارنا الزيادة في عدد السكان).
علينا هنا أن نتجنب اللعب بالألفاظ، وأن نقول صراحة إن القراءة من أجل المتعة كانت تمثل هواية لأغلبية الشعب الأميركي، وأنها لم تعد كذلك الآن. وفي الحقيقة ليس هناك من شيء يجعلني أشعر بالقلق والانزعاج، مثل دخولي إلى بيت شخص واكتشافي أنه لا يوجد هناك كتاب واحد في ذلك البيت. وما نلاحظه الآن أن معظم الأشياء التي كانت منتشرة عام 1982 قد أصبحت أقل أهمية الآن عما كانت عليه في ذلك العام كقنوات التلفزيون الأرضية، وكبار مصنعي السيارات في الولايات المتحدة. وفي عدد فبراير من مجلة "هاربر" تشير "أورسولا كيه لوجوين" إلى نمط أكثر وضوحاً في القراءة تلخصه بقولها:"خلال معظم فترات التاريخ لم يكن هناك سوى القليلين ممن يقرؤون، وكان عدد الذين يقرؤون للمتعة من بين هؤلاء أقل من عدد الذين يقرؤون من أجل الضرورة. بعد ذلك، ولفترة من الوقت أصبح كثير من الناس يقرؤون" وأضافت "لوجوين":"إن السنوات التي وصلت فيها القراءة في الولايات المتحدة لذروتها، هي تلك السنوات الواقعة ما بين 1850 إلى 1950 وهي السنوات التي يمكن أن نطلق عليها (قرن الكتاب)... أما في الوقت الراهن فإن عدد القراء في الولايات المتحدة أقل مما كان عليه خلال ذلك القرن".
وإذا ما أخذنا في اعتبارنا التأثير الطويل المدى لذلك الاتجاه،فإن برنامج "مؤسسة الوقف الوطني للآداب" سيبدو أمامنا برنامجا تغلب عليه الصبغة الدعائية، حيث تقول منشورات ذلك البرنامج:"إن أي مناسبة من المناسبات التي تنظمها المجتمعات المحلية، لا تستمر أكثر من شهر واحد، وعادة ما تشهد حفلاً لإطلاق البرنامج محلياً، يفضل أن يحضره العمدة وغيره من كبار الشخصيات المحلية"، لكن الفكرة القائلة إن إنفاق عدة ملايين من الدولارات، وإلقاء بعض الخطابات من قبل بعض العُمد، كفيلة بجعل عادة القراءة من أجل المتعة مسألة "مركزية"- مرة أخرى- في حياة الأميركيين، هي فكرة سخيفة للغاية سواء في صياغتها أو في مضمونها.
وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.
المصدر:alittihad-9-3-2008